الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة حتّى لا يتواصل "الارهاب الكروي" : تونس تستغيث من تكتيك "حضبة وقول"

نشر في  21 جانفي 2015  (11:52)

منذ سنوات عديدة، ظلّ الخوف التكتيكي والانكماش الدفاعي سمة ملازمة لكرة القدم التونسية، وان نجح لومار نسبيا مع جيل متميّز كرويا تضمّن بعض الأسلحة الهجومية الفعالة على غرار الجزيري وسانطوس، الا أن ما تلاه مع كويلهو ومارشان والطرابلسي ومعلول ثم ليكنز حاليا يجعلنا في موضع خجل صراحة بعد تفاقم معالم السلبية الكروية...
هنا، لا بد من القول ان الأمر ليس استنتاجا متصلا بمجرد تعادل مع الرأس الأخضر أو غيره، بل انه يأتي امتدادا لسنوات ضوئية صار فيها منتخبنا في قطيعة حقيقية مع جماهيره ومكوّنات المشهد الرياضي ببلادنا، فعلا لقد مللنا التبريرات القائلة بتأثير الارتفاع والرطوبة والى ما شابه ذلك، تلك هي طقوس "الماما أفريكا" وأعرافها، ولابدّ من التأكيد أيضا أننا لا نملك نجوما أفضل ممّا استقدمته الكوت ديفوار والغابون والجزائر وغانا والبقية ممن لم يشتكوا بتاتا من مثل هذه المؤثرات.
منتخب تونس فقد الكثير من الاشعاع قاريا ودوليا ونتائجه تكشف ذلك، نقول هذا حتى لا نغترّ كما انتشى كثيرون بمجرّد العبور كأوّل مجموعة ضمت السينغال وهي في طور اعادة البناء ومصر فاقدة ومجرّدة من معالمها الكروية مع بوتسوانا هزيلة..كلّها عوامل سرّبت الغرور الى مفاصل اللاعبين وخدعتهم بالكثير من شهائد الثناء سرعان ما اصدمت بمنافس جدّي يعمل في صمت ويتطوّر بلا ضوضاء عكس ما يجري بين ظهرانينا..
لم نطلب من نسور قرطاج أن يعودوا مظفّرين باللقب، فذلك -مع تمنياتنا بوقوعه- فهو أقرب الى أحلام اليقظة منها الى الانتظارات الحقيقية في ظلّ تراجع مذهل وانكماش بات يلازم مختلف التشكيلات المتعاقبة والتي جرّدت كرتنا من معالمها وجعلت رديفا للفوضى والارتجال والخشية والرهبة الكرويين.
منتخب تونس أضحى علامة فارقة في الخوف الكروي الذي يعتمد شعار "حضبة وقول" مع شحّ في الموارد الهجومية مع مساكني فقد الكثير من المعالم..وشيخاوي أغدقوه شكرا وثناء رغم أنه لم يقدم مقابلة ذات بال منذ مواجهة الكامرون في "كان 2008"..وشرميطي ويونس لايدرك أغلب التونسيين أنهما لم يسجّلا هدفا مع النسور منذ أكثر من أربع سنوات..ومع ذلك فان البلجيكي ليكنز فضلهما على الحرباوي مثلا وكان سلبيا جدا في تعاطيه مع أوامر وديع الجريء الذي تشدق علينا رفقة أعضاء مكتبه بحكاية الانضباط..ولكنه لم يقرأ على ما يبدو في أساطير الأولين أن الايطالي باولو روسي مثلا خرج من السجن ليهدي شعب ايطاليا لقب المونديال...هذا دون العودة الى تفاصيل عجز اداري في ملف المهاجم يوهان توزغار (العائد الى لونس وكأن شيئا لم يكن) بعد الاسراع بتجنيسه كما جرى سابقا مع فابيان كامو...طبعا دون أن نلقي الكثير من اللائمة على العكايشي الذي قد يبدو بدوره غير مصدّق للتوّ لادراج اسمه في القائمة واشراكه أساسيا.
كل هذه المعطيات تؤكد قطعا ان أباطرة الخوف جثموا على صدر كرتنا وجعلها ملازمة لمبدأ "السلامة الدفاعية" وهو مصطلح ابتدعه التونسيون تماهيا مع حالة الانكماش التي جعلت منتخبنا تحت رحمة الكرات الثابتة واللجوء الى التقهقر الدفاعي..
نحمد الله كثيرا أن حارس مرمانا أيمن البلبولي يمرّ بأفضل حالاته هذه الأيام -ونتمنى دوام ذلك- بيد أن العاقل من يتّعظ ممن خطئه الأول والثاني..ولا يواصل في سقطاته التي استنزفت الأعصاب وأرهقت جمهور المشاهدين من منتخب سلّط علينا "الارهاب الكروي"بعد أن نال الكثير ماديا ومعنويا..ولم يعط لشعبنا الكريم ولو النزر القليل.

طارق العصادي